تقارير

السلطة الرابعة هل تلعب دورها في تغطية أحداث باكوري كردستان؟

عقِبَ الانتخابات البرلمانية التركية في الـ7 من حزيران العام المنصرم, شنت آلة القتل التركية المتمثلة بحكومة AKP موجةً حادةً من الهجمات على الشعب الكردي في مختلف المدن والمناطق بباكوري كردستان, ومارست أبشع الأساليب ضد المدنيين، ونظراً للدور الكبير للإعلام في تغطية الحدث وإيصال الحقيقة للرأي العام العالمي، جرت الأحداث في باكور وتسارعت في ظل تكتمٍ إعلاميٍ عالمي عليها، والأسئلة التي تطرح نفسها كثيرة منها هل هناك أجنداتٌ خاصةٌ تعملُ عليها وسائل الأعلام العالمية؟ وهل المجتمع  والمدن الكردية التي قامت بالثورة الحالية لا تملك الحق في تغطية  الأحداث التي تجري والدمار والقتل والتنكيل بحق الشعب في تلك المناطق  أم أن الأعلام العالمي بصمته يؤيد الحكومة التركية في مجازرها بحق المدنيين من مواطني باكور كردستان؟

من هذا المنطلق ارتأت صحيفة الاتحاد الديمقراطي إلى اللقاء بعدد من الصحافيين والإعلامين الكرد وأخذ آرائهم في هذا الصدد:   الإعلام الكردي قروي لا يمكنه وهو بهذا الحال أداء مسؤوليته التاريخية

زانا عمر مراسل صوت أمريكا:

الإعلام الكردي يفشلُ مرةً أخرى في الارتقاءِ إلى مستوى التضحيات التي يقدمها الشعب الكردي, والمقاومون الأبطال في باكوري كردستان, كما تفشل كل يوم في روج آفا أيضاً، فالإعلام الكردي قروي لا يمكن بشكلٍ من الأشكال وهو بهذهِ الحال أن يكون على قدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه.

في الوقت الذي كانت مدينة سور في آمد تتعرض للقصف من قبل آلة القتل التركية, كنا نشاهد فضائيات محسوبة على الكردية بتغطية مباشرة لاحتفالات رأس السنة، أما الإعلام العربي فهو ملتهي بقضايا تعتبرها أهم للمشاهد العربي, وهذا في الإعلام يجوز لأن المشاهد هو بوصلة اهتمام الإعلام، وعليه فأن تغطية الإعلام العربي خجولة نوعاً ما.

أما فيما يتعلق بالإعلام الغربي فأنه في خطٍ بيانيٍ نحوَ الصعود, وهنا عند الحديث عن الإعلام الغربي لا بد من التمييز بين الإعلام الرسمي التابع للحكومات, والإعلام الحر التابع لمؤسسات إعلامية مستقلة، فالإعلام الرسمي الأمريكي مثلاً يسلط الضوء على الأحداث في باكوري كردستان بشكل فاعل جداً بينما الإعلام غير الرسمي فهو يعطيها مساحة جيدة إلى الآن.

ما يحدث في مدن باكوري كردستان لا يقل ضراوة مما حدث في كوباني

محمد حسن– إعلامي

في البدء وقبل التحدث عن قضايا مصيرية مثلما يحدث في باكوري كردستان على المرء وخاصة الصحفي التخلي عن مصطلحات الموضوعية والحيادية، فما يحدث في مدن باكوري كردستان لا يقل ضراوة مما حدث في كوباني.

ولكن الملفتُ للنظر أن الصحافة الكردية منقسمةٌ بتناول موضوع باكوري كردستان، فالإعلام التابع لحركة التحرر الكردستانية يتناول القضية كما هو معلوم منذ بدايات الحركة والتقرب من الشعب، أما الإعلام الكردي مثلاً في باشوري كردستان يتناول القضية كأي خبر عادي, والحقيقة أنه لأمرٌ مؤسفٌ أن نجد عدم تجاوب الإعلام الكردي بإيجابية من باكوري كردستان.

 مثلاً الكل يعلم حين هجوم داعش على كوباني كادت المدينة أن تسقط ولكن التغطيات الإعلامية الخاصة العربية والعالمية ساهمت لحد كبير في إيصال صوتها للعالم والتفاعل الدولي معها مما شجعها على الاستمرار في المقاومة والتصدي حتى استرجاعها بالكامل.

أما ما يخص الإعلام العربي فالكل يعلم أن احتكارات الإعلام العربي الكبرى هي بيد دولتين عربيتين, وهاتان الدولتان تقفان بالمجمل ضد الشعب الكردي وليس من الغريب أن نجد ابتعاد الإعلام العربي عن قضية الشعب الكردي في باكوري كردستان، وعالمياً نجد الدول الأعضاء في حلف الناتو ومنها فرنسا وبريطانيا وأميركا وألمانيا لا تستطيع إلى الآن التفكير بالتخلي عن مصالحها وعلاقاتها التجارية مع تركيا, حتى ولو تدمرت مدن باكوري كردستان كلها, وهو أمرٌ مؤسفٌ أن نجد دولاً تدعي بالدفاع عن حقوق الإنسان, وهذه المصطلحات الرنانة على مسامع العالم الثالث ولعبها على الطرفين.

وأعتقد أنه على الإعلامي الكردي باعتباره صاحب القضية التقرب بشكل أكبر مما يحصل في باكوري كردستان, فهناك مدنٌ كاملةٌ تتدمر, ومئات المدنيين يستشهدون وأطفال أصبحوا يتامى وتصفيات بالاسم كما حدث في العاشر من الشهر الجاري عندما قتلت الجندرما التركية 12 شاب كردي بطلقات في الرأس.

المآسي التي يعيشها الشعب بباكور هي نتيجة الاتفاقيات المبرمة بين AKP والقوى الغربية

جهاد درويش مراسل قناة KNN:

بعد الانتصار الذي حققه حزب الشعوب الديمقراطية في الانتخابات التركية الأخيرة والتي جعلت من سياسة حزب العدالة والتنمية عارية أمام الرأي العام التركي والرأي العام العالمي, مما دفعت الأخيرة إلى إعادة الانتخابات وممارسة كل أشكال الضغط على حزب الشعوب الديمقراطية للحيلولة دون دخولها البرلمان التركي, إلا أنها فشلت في مسعاها هذا, مما دفعها إلى زيادة الهجمة باعتقال المعارضين لها ولسياساتها في الداخل والخارج, وكانت أبرزها الاعتقالات التي طالت أستاذة الجامعات.

لا يُمكننا الفصل بين حالة الثورة التي تعيشها روج آفا عن الحالة الأمنية التي تشهدها معظم المدن الكردية في باكوري كردستان, وبشكلٍ خاص الانتصارات التي تحققت بتجاوز القوات الكردية جميع الخطوط الحمراء التي وضعتها حكومة العدالة والتنمية في سوريا, دفعت بالأخيرة إلى المواجهة المباشرة مع الشعب الكردي الأعزل في باكور, وفرض الحصار على كبرى المدن هناك, وممارسة كل أشكال القوة ضد المدنيين, لثنيهم عن المطالبة بحقوقهم في إدارة مناطقهم, في ظل تعتيمٍ إعلاميٍ داخل تركيا وحتى الإعلام العالمي, باعتقادي هذا التكتم الإعلامي على المآسي التي تعيشها المدن الكردية هي نتيجة للاتفاقيات المبرمة بين الحكومة التركية المتمثلة بحزب العدالة والتنمية وبين القوى الغربية, وبشكلٍ خاص أزمة اللاجئين التي تستخدمها الحكومة التركية كورقةِ ضغطٍ على الغرب, وغض النظر من قبل الحكومة الأمريكية تجاه مقاومة الكرد في باكوري كردستان ضد الآلة العسكرية التركية ,يشيرُ بوضوحٍ إلى وجود اتفاقٍ سريٍ بين الحكومة التركية والحكومة الأمريكية بهذا الخصوص, مما يسمح للجيش التركي بمحاولة إخماد المطالب المحقة للشعب الكردي هناك.

فيما يتعلق بالتكتم الإعلامي الذي تشهده القنوات المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني في باشوري كردستان, وحالة الصمت التي يشهدها الوسط الثقافي هناك, يشير إلى حجم التعاون بين الحكومة التركية وحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني من اتفاقيات مبرومة بين الجانبين, وبشكلٍ خاصٍ في مواجهة حزب العمال الكردستاني, وما شهدته الساحة العسكرية في باشوري كردستان, ودخول القوات التركية عبر أراضيها وتمركزها بالقرب من الموصل دليل واضح على حجم العلاقة الوثيقة بين الطرفين, وبالتالي توجيه الآلة الإعلامية لديها في إثارة الخلافات الداخلية لإشغال الرأي العام في باشوري كردستان, دون الإشارة إلى حجم المقاومة في باكوري كردستان, وعلى العكس تماماً طرح مقاومتهم إعلامياً على انه تأييد لحزب العمال الكردستاني, وهذا ما لا يمكن قبوله من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني.

يبقى رهان الحكومة التركية مع حلفائها على إخماد هذه المقاومة, ويبقى رهان الشعب الكردي في شمال كوردستان إلى كسر هذه الهجمة وتعرية سياسيات الحكومة التركية وحلفائها, باعتقادي أن رهان الحكومة التركية سيلقى الفشل الذريع وسيكون الضربة القاضية لكل أحلام العدالة والتنمية.                                      غسان أده

زر الذهاب إلى الأعلى