ثقافة

جمهورية مهاباد في الذكرى السبعون

إعداد: حسينة العلي

(أنكم تستطيعون شنقي، ولكن كل كردي قاضٍ، ولا ينس أي كردي هذا الظلم)…قاضي محمد

رغم التحديات والمواجهات العنيفة التي يتلقاها الكرد سواء من العرب أو الفرس أو الترك لرفضهم القاطع للكرد ونكرانهم للحقيقة الملموسة الواضحة تجاه قوميتهم الكردية ورغم تلك المحاولات والعمل على إخماد أي ثورة قام بها الكرد لتحقيق حريتهم وتشكيل نوع من الحكم الذاتي ورغم هذا الاضطهاد والحرمان تم الاعلان عن تشكيل جمهورية مهاباد في الـ22 كانون الثاني عام 1946 وفي اجتماع واسع بساحة “جوارجرا” المزينة بالأعلام الكردية، وسط الهتاف توجه قاضي محمد وأعتلى المنبر وراح يذكر مستمعيه (بأن الكرد شعب قائم بذاته) يسكن أرضه ويشارك الشعوب الأخرى حقها في تقرير المصير وشكر جميع الكرد والكردستانيون كما وجه الشكر إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي لمساعدة الكرد، وعمت الفرحة والابتهاج في جميع شوارع مهاباد ورفع العلم الكردي حيث سجل هذا اليوم بحروف من الذهب في تاريخ شعبنا الكردي واُعلنت جمهورية مهاباد، ثم تأسس مجلس الوزراء برئاسة (الحاج باب شيخ) في الـ11 شباط عام 1946 وتألف من (13) وزيراً وشهدت الجمهورية أعمالاً مهمة وتاريخية، فأصبحت اللغة الكردية لغة رسمية ونشرت عدة صحف ومجلات باللغة الأم “الكردية” وجرت محاولات لإعداد كتب الدراسة لأطفال المدارس ودخول المرأة الكردية الميدان السياسي وكان القاضي محمد يشجع زوجته وبناته على الإسهام في الحياة السياسية والاجتماعية كي تصبحن قدوة لغيرهن من النساء.

وأهم مكاسب مهاباد هو تأسيس الجيش الشعبي وأن أربعة أشخاص حملوا رتبة الجنرال في هذا الجيش هم: 1- محمد حسين سيف قاضي.

2- عمر خان شكاك.

3- محمد رشيد خان بانة.

4- الملا مصطفى البارزاني.

ولوحظ تغير الاقتصاد في المنطقة وكانت واحدة من علامات ذلك قيام الجمهورية بالتجارة المباشرة مع الاتحاد السوفياتي!، وتوفر الأمن والأمان والراحة للجماهير فمنع القتل وحرمت السرقة وصارت الرشوة التي كانت شائعة في أيام رضا شاه تعتبر جريمة كبرى بعد قيام جمهورية مهاباد والمكسب الأكبر الذي ناله الشعب الكردي هو تذوقه للمرة الأولى طعم الحرية، فلم تبقى أوامر الحكومة المركزية قائمة وزال معها إرهاب الجيش ومظالم الشرطة، وشعر الشعب في شرقي كردستان آنذاك إنه صاحب السلطة في بلاده وليس غربياً عن وطنه وبهذا فأن الشعب الكردي أصبح حراً وأصبحت مهاباد محط أنظار وآمال وأماني الأحرار في جميع أنحاء كردستان، وكان ممثل المنظمات الكردية وأبرز الشخصيات الكردية يتوجهون من تركيا وسوريا والعراق لزيارة مهاباد وصارت المدينة موضع أمل وقبلة أحرار الكرد حيث كتب القاضي محمد بهذه المناسبة: “إن النور الذي انبلج هنا سوف يشع نحوكم أيضاً”.

على الرغم من أن عمر الجمهورية الكردية لم يدم أكثر من 11شهراً فقد كانت لها مكانة خاصة في تاريخ شعبنا ومازالت جمهورية مهاباد الكردية بعد سبعون عاماً تلألأت مثل نجمة ساطعة في السماء المظلمة الداكنة لهذه العصور الطويلة في إذلال الشعب الكردي وما تزال تنير درب النضال الشاق واليوم في روج آفا نعيش تجربة أخرى تعتبر تجربة أخرى –الإدارة الذاتية الديمقراطية- مماثلة لمهاباد تأخذ منها الجيد وتتجنب أخطائها فتستفيد وتوظفها في مسيرتها على أنها تاريخ لنظام حكم كردي.

وتأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية في التوقيت ذاته حيث مرت ثلاثة أعوام على تأسيسها -الإدارة الذاتية الديمقراطية- التي تشكل نواة حقيقية في الانطلاق نحو الديمقراطية وبناء مجتمع ديمقراطي حر قائم على أساس التعددية يحقق للجميع آمالهم وتطلعاتهم وكسر مقولة (إن الكرد لن يصبحوا شيئاً) بل أصبحوا وأظهروا من خلال تضحياتهم بأنهم قادرون على إثبات وجودهم، بحيث لن يكونوا مستعبدين لأحد بعد اليوم وسيعيشون أحراراً مرفوعي الهامة فسابقاً جمهورية مهاباد واليوم الإدارة الذاتية الديمقراطية ثمرات قومية وديمقراطية ومحطات مضيئة في تاريخ شعبنا الكردي وحركتنا الثورية.

زر الذهاب إلى الأعلى