ثقافة

الثقافة وفق مفهومها العام والتعريفي

حسينة العلي – نعّرف الثقافة بالمعنى الضيق بأنها عالم المعنى لدى المجتمع وقانونه الخلقي وذهنيته وفنه وعلمه وبشكل عام الثقافة هي الذاكرة الجمعية لأي مجتمع من المجتمعات؛ تشكل قيم هذا المجتمع والسلوكيات المرتبطة بالأدوار المختلفة فيه، فالثقافة هي أساس هوية المجتمع وتميزه عن غيره من المجتمعات ويتكون من العالِ من العادات المجتمعية السامية، بل آلاف الثقافات الأساسية منها والفرعية، فالثقافة سمتها الرئيسية هي التنوع مع وجود مستوى كافٍ من الاتفاق حول القيم الإنسانية فالتجانس الثقافي بين البشر سابق بعصور طويلة على ظهور العولمة الحديثة لكنه كان محدود بأقاليم معينة متمايزة منها الإسلامية والثقافية المتوسطية والأوربية …وغيرها. شكلت هذه الاقاليم تجمعات ثقافية جمعت فيما بينها سمات مشتركة وميزتها عن غيرها سمات أخرى، أما العولمة فتؤدي إلى زيادة المساحة المشتركة بين الثقافات وإلغاء الحواجز في كل أنحاء العالم وخلق ثقافة جديدة منفتحة تلائم كافة الآراء والاتجاهات والتطورات العالمية، وهي كما نعيشها اليوم وليدة تطورين أساسيين؛ الأول: تطور سياسي اجتاح العالم في نهايات القرن العشرين وهو انتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وحلفائها والاتحاد السوفياتي وحلفائه، والثاني هو التطور التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال العالمي والبث الإعلامي الفضائي وعصر الانترنت والفيس بوك الذي أصبح يربط البشر في كل لحظة بكل أنحاء المعمورة فقد أدت نهاية الحرب الباردة إلى رفع الحواجز أمام النسيان المعلوماتي والتفاعلات بين البشر في مختلف بقاع الأرض، فالاهتمامات بحقوق الإنسان والديمقراطية وحفظ السلام والعدالة الاجتماعية وفرض الحياة الكريمة وحماية البيئة هي كلها اهتمامات ذات طابع انساني؛ ومن ناحية ثانية لعب التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثة دوراً أساسياً في تسريع وتسهيل عملية عولمة الثقافة بمعنى تطوير وعي وإدراك الفرد في المجتمع والحض على اكتسابه قيم ثقافية عالمية فوسائل الاتصال والإعلام الحديث والانترنت نجحت في توسيع دائرة الاهتمام بالقضايا الانسانية وسهلت للمواطن العادي في العالم كله متابعة المعلومات والتطورات حول تلك القضايا وتجاوزت في بعض الأحيان المساهمة في تشكيل قناعات وأنماط سلوكية معينة ذات طابع عالمي فالعولمة الثقافية هي وليدة الموانع السياسية من جانب وزيادة التفاعل وخلق الثقافة الايدولوجية عبر الاتصال العالمي نتيجة للتطور في تكنولوجيا الاتصال والفضائيات من جانب آخر، ولذلك أصبحت قضايا مثل التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان والمجتمع والشفافية ومكافحة الفساد وحقوق المرأة وحماية البيئة وغيرها من القضايا الاجتماعية العالمية ويهتم بها المواطنون في جميع أنحاء العالم ومن أهم خصائص الثقافة هي العقلية المنفتحة والحداثة المستمرة والتحول نحو الثقافة الديمقراطية وهناك حركة عالمية تدعو إلى صياغة مواثيق أخلاقية عالمية تعتمد على التراث الأخلاقي والقيم الانسانية والثقافة المعاصرة وأساسها قيم الديمقراطية واحترام حقوق الفرد وربط الثقافة الماضية بالثقافة المستقبلية أي ربط السابق باللاحق وخلق ثقافة معاصرة تلائم المجتمع المدني الذي يعيشه الفرد وخلق توازن ثقافي يوافق العولمة وعصر الانترنت والسرعة وتعالج هموم المجتمع بأنواعه مع خلق حلول واقعية للقضاء على جميع أشكال التمييز وغطرسة العقول وهيمنة السياسيين وأنانية الرأسماليين لإعطاء المرأة حقوقها ومعايشة الطفولة بواقعها مع احترام حقوق وحريات البشر بأكملها اعتماداً على القاسم المشترك بين الثقافات المختلفة وتوفير ما يحتاج إليه الفرد من نهج فكري حضاري منفتح تشرف عليه العقلانية والثقافة الواعية ومعالجة القضايا الراهنة وتفعيلها في خدمة المواطن والمجتمع وتعزيز الثقافة الواقعية المنفتحة التي تلائم عصر العولمة مع ذلك الوعي الجديد الذي ينتشر بين البشر على اختلاف أشكالهم وألوانهم وانتماءاتهم السياسية ومستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

زر الذهاب إلى الأعلى