ثقافة

مقبرة دليل صاروخان… ملاذ لشهداء قامشلو

سوزان علي

لم تكن مقبرة..، لم تكن ملاذاً..، لم تكن وطناً..، كانت مساحة شاسعة تتربع في إحدى أطراف العنترية، تنمو فيها الأشواك كئيبة تارة ومنتشية تارة أخرى..، بتربة حمراء ذي حصى صغيرة وكبيرة..

رويداً رويداً وبما لا يتجاوز الثلاث سنوات؛ استقبلت ضريح الشهيد دليل صاروخان في 8/5/ 2012م فبني فيها صرح الشهيد دليل صاروخان ومن ثم تتالت الصروح من شهداء سري كانيه، تل حميس وتل براك، والحسينية، تل تمر، فالحسكة، صروح العشاق الذين استمعوا لنبضات قلوبهم؛ فلبوا النداء والذين فاق عشقهم أيّ عشق، عشق زاهد عن الدنيا بما فيها من متع.

أجل تبعوا صدى أرواحهم، استمعوا لنبضات قلوبهم النبيلة فلمحوا دربهم أخيراً بعشق لتراب مجروح لمدينة غدت حزينة، ووطن غدا عاشقاً ثخنت قلبه بالجراح..

شهداؤنا تخلوا عن زهرة شبابهم، وانتزعوا أرواحهم من بين قلوبهم ووضعوها بين أكفهم وقدموها قرباناً للوطن، وجعلوا من أجسادهم الفتية جسوراً لنعبر الدرب بسلام، فكان الموت من أجل الحياة غاية وهدفاً لهم. فما نحن عليه اللحظة من سلام وأمان؛ إنما لأنهم يموتون ليعيدوا الحياة إلينا.. “نحن نحيا بدمائهم”.

من رعد شيخموس، باسل، سرحد، جودي، كادار، آواز، دفرم، مراد، جسور، حلبجة، روجفان، زرادشت هيلين، باز روج آفا، جمشيد، إبراهيم وراج آل، الذين تمددوا في مقبرة دليل صاروخان فضمتهم ضمة الأم الحنون وأصبحت لهم ملاذاً، فبدوا كأزهار نيسان الملونة التي تزين المقبرة، تمددوا بأجسادهم إلا أنّ أرواحهم حية تنبض “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.

واللحظة من يزور المقبرة سيلاحظ الفرق عن السنوات الفائتة، لقد امتلأت بهذه الأزاهير فتفوح منها رائحة منعشة هي رائحة الشهادة، لقد رحل شهداء الوطن، إلا أنّ دماءهم تروي تراب قامشلو فتنمو فيها شقائق النعمان والأقحوان والنرجس والجوري والنسرين، وتلتمع ذكراهم ليس في عقولنا فحسب، وإنّما في قلوبنا فيحيون فيها مع كل نبضة وكل همسة من صدى أرواحنا…..

الخلود لشهداء روج آفا، الخلود لشهداء قامشلو…

زر الذهاب إلى الأعلى