مقالات

خطورة الهجمات التركية خيارات و مهام ملحة

الهجمات التركية على مواقع حزب العمال الكردستاني لها تاثيراتها و انعكاساتها على الساحة الكردستانية عامة ،و ساحة غربي كوردستان خاصة .فاهداف الهجمات التركية لم تعد خافية و إحدى هذه الأهداف هو منع الكورد من تشكيل اقليم يربط عفرين مع مناطق كوباني و الجزيرة و تشكيل منطقة عازلة تضم فصائل و مجموعات مسلحة إسلامية تستخدمها أنقرة أوقات الحاجة ضد الكورد ،و من أجل التصدي لهذه الهجمات التي تستهدف التجربة الكوردية ككل و تجربة الإدارات الذاتية في غربي كوردستان بشكل خاص، أمام الشعب الكوردي و قواه السياسية جملة من المهام الملحة و العاجلة لكي تتصدى لهذه الهجمات و تحافظ على تجربتها من الانهيار و التخريب على يد السلاطين العثمانيين الجدد و يمكن القول ان تلك المهام حسب اعتقادي هي:
1- عقد لقاء تضم كافة القوى و التيارات و الأحزاب السياسية في غربي كوردستان و بمشاركة واسعة من الشخصيات السياسية و المثقفين المستقلين لوضع استرتيجية في مواجهة كافة الهجمات التي تتعرض لها غربي كوردستان و الوصول إلى تفاهمات و توافقات في كافة الشؤون السياسية المتعلقة بإدارة غربي كوردستان و منها ما يتعلق بتفعيل المرجعية السياسية الكوردية المعطلة و توسيع الإدارة الذاتية بحيث تضم كافة القوى الكوردية التي ما تزال خارج هذه الإدارة .
و التنسيق مع وحدات حماية الشعب للوصول إلى تشكيلات عسكرية قوية مدعومة من كافة القوى السياسية الكوردية و في جسم تنظيمي و عسكري واحد تتبع لقيادة واحدة و ليس تشكيل مجموعات مسلحة تتصارع في المستقبل .اي باختصار الوقوف خلف القوة العسكرية التي تحمي غربي كوردستان و تقويتها و دعمها بكل الإمكانيات و عدم إضعافها و الدفاع عنها ضد كافة الهجمات الإعلامية التي تحاول تشويه سمعتها عبر مختلف الإشاعات و التهم الباطلة .
ما يحتاجه القوى السياسية الكوردية في غربي كوردستان هو الإرادة السياسية و الاستعداد لتقديم بعض التنازلات في سبيل المصلحة الوطنية و عندها يمكن الوصول إلى تفاهمات و توافقات في غاية الأهمية و في كافة النواحي و المجالات .
2-استخدام كافة الوسائل المتاحة من أجل وقف الهجمات التركية على الكورد سواء في شمال و جنوب كوردستان او في غربي كوردستان ،و تطوير الأساليب الدبلوماسية و محاولة ممارسات الضغوطات على الدولة التركية لوقف هجماتها عبر الشخصيات الكوردية في أجزاء كوردستان الاخرى و التي هي في مركز القرار حاليا ،او عبر دول يمكن إجراء الاتصالات معها من أجل أن تلعب دورا في التأثير على الدولة التركية . فوقف الهجمات تفيد التجربة الكوردية ككل و هي أيضا تفيد تركيا و استمرار الهجمات تضر بالكورد و الترك على حد سواء و من أجل ذلك يجب التركيز على الأساليب التي توقف هذه الهجمات الهمجية التي قامت السلاطين العثمانيين الجدد بإدخال تركيا و الكورد فيها خدمة لمصالحهم الحزبية الضيقة .فقد يعتقد المجتمع التركي و الرأي العام العالمي ان هدف تركيا هو منع الكورد من تشكيل دولة و بالتالي منع تقسيم تركيا في المستقبل و لكن هذا الاعتقاد الذي يحاول السلاطين ترسيخه لن يجلب سوى مزيدا من الدمار و الخراب لتركيا أولا و كذلك مزيدا من الدمار و الخراب في كوردستان عامة .
فالهجمات قد تكون سببا ليس في تقسيم تركيا فقط بل قد تدمرها كليا في المستقبل و يواجه اردوغان و قيادته الأمنية والسياسية نفس مصير صدام حسين و معمر القذافي بعد ان تصبح تركيا ساحة لمختلف الدولة التي ستتدخل في شؤونها الداخلية .إذآ وقف الهجمات هو لمصلحة تركيا و العودة إلى مسيرة السلام مع الكورد هو الذي ينقذ تركيا من التقسيم و التدمير ،و هدف الكورد لم يكن في يوم من الأيام تقسيم اي بلد و لكنهم فقط أرادوا العيش بحرية مثل كافة الشعوب الاخرى ،و لو اعترف الحكام بحقوقهم المشروعة لكان الكورد في طليعة من يحافظ على الوحدة و لكن نتيجة الظلم و الاضطهاد و سياسات الإنكار و الامحاء اضطر الكورد لدفاع عن أنفسهم و عدم الاستسلام .
3- الوقوف ضد الهجمات التركية و بموقف موحد و مثلما تم الوقوف ضد هجمات داعش على اقليم كوردستان الجنوبية و على مناطق غربي كوردستان هكذا يجب ان يكون موقف الكورد اتجاه الهجمات التركية التي تهدف الكورد ككل و ليس فصيل معين و هي لا تختلف عن هجمات داعش التي كانت و ما تزال تهدف الكورد ككل و ليس فصيل معين. موقف الكورد لا يجب ان تكون من اجل الحفاظ على بعض العلاقات و الحفاظ على بعض المصالح الضيقة بل ان تكون نابعة من روح وطنية تفضل مصلحة الشعب الكوردي على المصالح الحزبية و العائلية .
.4- وقف كافة الهجمات الإعلامية من قبل القوى السياسية الكوردية ضد بعضها و خاصة في غربي كوردستان و تركيز على الاهداف المشتركة فالهجمات التركية مثل هجمات داعش تهدف الى انهاء الكورد ككل و على كافة المثقفين و الاعلاميين و الوطنيين لعب دور ايجابي لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية الكوردية و ليس تجيج الصراعات الحزبية و القيام بالتهجم على بعض الاطراف تحت مسميات النقد و كشف الاخطاء ، و هذا ليس دعوة لقبول الأخطاء و النواقص و تستر على الانتهاكات و لكن وحدة الصف الكوردي مهمة لدرجة أن عدم المحافظة عليها و تقويتها قد تكون سببا لأن نفقد كل شيء من جراء ذلك ، و قد لا نستطيع نحن الكورد حاليا تشكيل جيش موحد تمثل كافة المناطق و الاجزاء و لكن الإعلاميين و الكتاب و المثقفين يستطيعون أن يكونوا عامل قوة للحركة الكوردية و ليس عامل ضعف و تشرزم عبر دعواتهم و مواقفهم الداعمة لوحدة الصف الكوردي .
5- رغم ان المعارضة السورية بأغلب تياراتها و قواها القومية و الاسلامية تنظر إلى الكورد و القضية الكوردية بنظرة لا تخلو من الشوفينية و العنصرية و ليس لديها اية نية جدية لحل المسالة الكوردية بطرق ديمقراطية و لكن مع ذلك على القوى الكوردية محاولة تطوير العلاقات مع قوى المعارضة السورية بشقيها المعتدل و الليبرالي الغير المتطرف ،و يمكن لقوى المجلس الوطني الكوردي و حركة المجتمع الديمقراطي ان يلعبوا دورا مهما لتاثير على القوى المعارضة السورية و شرح أهداف الهجمات التركية التي لا تخدم الكورد فقط بل انها لا تخدم السوريين عامة و هي تدخل سافر تهدف إلى تقوية المجموعات المتطرفة المرتبطة بتركيا على حساب القوى السورية الديمقراطية و المعتدلة .
فالهجمات التركية و بما تشكل من خطورة على مجمل المسألة السورية فإنها قد تجلب معها مزيدا من الدمار و التشرذم في صفوف المعارضة السورية و كذلك الكوردية لو لم يتم الوقوف بحزم و قوة ضدها .
تركيا اختارت طريق الحرب بدل السلام ،و تخطط لضرب التجربة الكوردية في غربي كوردستان بدل إقامة العلاقات مع الكورد، و تحاول خلق و تأجيج الخلافات بين الكورد أنفسهم من جهة ، و بين الكورد و القوى المعارضة السورية الاخرى من جهة اخرى. و نحن كشعب كوردي و كقوى سياسية أمام خيارين و هما : أما التصدي لهذه الهجمات و بالتالي أفشالها و تحقيق مزيدا من الإنجازات و في كافة الاجزاء الكوردستانية .و اما الاستمرار في خلافاتنا الجانبية التي لا تخدم سوى الاعداء و بالتالي خسارة لا يمكن تعويضها بعد ان يفوت الاوان .
و كل القوى السياسية الكوردية تدرك و تعلم ان مطالب الشعب الكوردي هو مزيدا من التقارب و رص الصفوف ليس الان فقط بل في كل المراحل و الاوقات . فهل سيكون القوى و القيادات السياسية الكوردية على قدر المسؤولية في هذه المرحلة المصيرة ؟

زر الذهاب إلى الأعلى