ثقافة

المنهاج التعليمي الجديد من منظور الأهالي وهيئة التعليم

تقرير: دلوفان عبدو
يحظى موضوع اللغة باهتمام كبير في الوقت الحاضر فالمجتمعات تسير على خطى حثيثة من أجل تطوير وتعليم اللغة وعبر مسيرتها قد تواجه بعض الصعوبات والعراقيل، يقال بأن الطفل يتمكن من فهم اللغة قبل أن يتكلم بها ولا يتقنها إلا من خلال التواصل مع الآخرين وخصوصاً أهله، إذاً فمن الضروري أن يتعلم الطفل خلال سنواته الأولى لغته الأم حتى يتمكن من التعبير عن نفسه وتطوير مداركه المعرفية كلها، فالطفل حين يتقن لغته يصبح من السهل عليه تعلم لغة أجنبية أخرى، والسؤال هنا: كيف يتعلم الطفل لغته الأم؟ وهل من الصواب تعليمه لغة ثانية في سن مبكرة؟ وما هو العمر المناسب لتعليم الطفل لغة ثانية؟ وأهمية اللغة الثانية بالنسبة للطفل؟
أثار قرار هيئة التربية والتعليم في روج آفا بالتعليم بلغة الأم جدلاً واسعاً بين الأوساط الشعبية والسياسية وحتى الإعلامية إلى جانب ذلك مديرية التربية في محافظة الحسكة لم تقف موقف المتفرج من هذا القرار فبادرت إلى إصدار قرار من جانبها بالتوقف عن الدوام في المدارس الابتدائية التي يتم التعليم فيها باللغة الكردية في المحافظة الأمر الذي دفع ببعض المسؤولين القائمين على العملية التربوية في كانتون الجزيرة بتفقد بعض المدارس والاطلاع على سير العملية التربوية وتوضيح بعض الاشكاليات للتلاميذ ولأولياء الأمور.
محمد صالح عبدو رئيس هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية الديمقراطية بمقاطعة الجزيرة قال في معرض حديثه الموجه للتلاميذ وللأولياء: ما أود قوله لكم في هذا اليوم التاريخي، أنه استطعنا بإرادتنا وعزيمتنا وفي ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية الوقوف في وجه الهجمات التي كانت تحاول طمس هويتنا ولغتنا وسنفشل كل ما شابه تلك الهجمات مهما كانت قوتها وجبروتها، وفي إنجاز جديد ها نحن اليوم بينكم في مدارسكم حيث ستتلقون مناهجكم بلغتكم الأم هذه اللغة التي حرمنا منها لقرون، نحن لسنا ضد أحد ولا نميز بين أحد، رغم أن هناك من يقف ضد هذه الخطوة التي قمنا بها ويحاول بشتى الوسائل تشويش هذه العملية، فقد بدأت بعض وسائل الإعلام بالتحريض ضد هذه المناهج التي سوف تنهلون منها، ولكني أقول لكم أن ما يروج له كله محض افتراء وكذب فهم لم يطلعوا حتى على المناهج، واليوم المناهج بين أياديكم وفي منازلكم سوف ندع لكم الحكم على هذه المناهج، باسم هيئة التربية والتعليم نبارك لكم مناهجكم الجديدة ونبارك لجميع مكونات المنطقة هذا الإنجاز، وأستطيع أن أقول لكم بأن اتحاد الشعوب اليوم بدأ في روج آفا وسيكون هذا الاتحاد موضع تقدير وتقديس.
من جانبه الأستاذ خورشيد حسن تحدث لصحيفة الاتحاد الديمقراطي قائلاً: أن الكثير من الأنشطة الموجودة في المناهج وخاصة العلوم لا تتوفر لها الوسائل التعليمية اللازمة في المدارس وهذا ما قد يسبب بعض الاشكاليات لدى التلاميذ، وكما لاحظت بأن المناهج الجديدة تحتاج وتشجع التفكير لدى التلاميذ كما أنها تناسب مستواهم على عكس ما قد يراه البعض وقد يصعب تدريس الأبناء من قبل أولياء الأمور الذين يرغبون في مساعدة أبناءهم في المنزل وهذه أيضاً نقطة لابد للوقوف عندها، إضافة إلى ذلك لاحظت بأن المناهج تنسجم مع الواقع الذي يعيشه طفلنا ويساعد على تحفيز التفكير، أرجو أن يتم الاستفادة من المناهج الجديدة عن النحو المأمول أو المطلوب، في ظل غياب الوسائل التعليمية الملائمة، وأتساءل كيف سيتم التدريس في القرى والأرياف مع قلة الكادر التعليمي.
صرخة أم
رجاء محمد علي من حي الهلالية التقيناها في مدرسة فرحان علي وهي ربة منزل وأم لولدين أحدهما في الصف الرابع والآخر في الثامن تحدثت إلينا بحسرة قائلة: أرسل أولادي إلى المدرسة رغم كل الصعوبات التي نعانيها وحتى اليوم لم يتلقوا أي درس بالرغم من مرور أيام على بدء العام الدراسي، وعن سبب قدومها إلى المدرسة أكدت أنها قادمة خصيصاً لتنضم إلى دورة لتعليم اللغة الكردية.
من جانبه أحد أولياء الأمور طرح فكرته بالشكل التالي: أرى ضرورة التزام المدارس بمعايير المناهج الحكومية وبعد ذلك يمكنها إضافة ما تشاء من مناهج أخرى، كما أنني مع مساواة الناس في التعليم وإنه لا فوارق طبقية فيه، ولكننا الآن في مرحلة علينا أن نواجه الواقع الذي يحتاج إلى مدخلات إسعافية جراحية للأمراض قد تكون مؤلمة ولكن الألم يعقبه علاج ومن ثم شفاء.
معلمة اللغة الكردية ديلان تحدثت بشيء من التفاؤل، في هذه المرحلة التي نمر بها وهذه التضحيات الكبيرة التي نقدمها ألا يحق لنا أن نتعلم من خلالها بلغتنا الأم، وهل هناك شعباً لا يتقن لغته الأم بشكل جيد سوى شعبنا الكردي نحن محرومون من لغتنا منذ سنوات وقرون وقد آن لنا أن نعلم أطفالنا لغتهم فيكتبون بها ويقرأون بها، صراحة أقول لكم بأن تقبل التلاميذ للغتهم جيدة فهم بدأوا يبدعون فيها، فالطفل ومنذ ولادته يحتاج أن يتعلم ويتقن لغته حتى تتوسع مداركه قبل أن يتعلم أي لغة أخرى، وأتمنى أن تزول هذه الإشكالية في المدارس ويعود جميع المعلمين إلى مدارسهم لنعمل جنباً إلى جنب ونساهم في تطوير مستوى تلاميذنا ونعيش حياة حرة كريمة لا نفرق فيها بين أي من المكونات.
ما أثار حفيظتي أحد الأولياء من المكون “الكردي” مع التشديد على كلمة الكردي، وهو يتقدم أبناءه ويسرع خطاه باتجاه مدرسة العروبة علماً أنه يقطن في الحي الغربي، تنفيذاً لرغبة مديرية التربية بالحسكة بأن مدرسة العروبة تستقبل الأطفال الذين لا يرغبون بالتعليم بلغتهم الأم، مع ملاحظة أن المدرسة تستقبل المعلمين الأساسيين من عدة مدارس، للتوقيع على دفتر الدوام، هذا الشخص قادم ليس ليعلم أولاده، فهو يدرك تماماً صعوبة التعليم في مثل هذه المدرسة، كون المعلمين قادمين للتوقيع على الدوام وليس للتعليم وخاصة أن وقت التوقيع هو الساعة 12 ظهراً، تلاسن مع بعض المعلمين والمعلمات وحاول بكل وسائله خلق مشكلة، قائلاً: “أنتم قلتم خذوا أولادكم إلى مدرسة العروبة فلماذا إذاً لا تعلمون أولادنا” لا أخفي عليكم بأن هناك نسبة قليلة جداً من التلاميذ توافدوا إلى نفس المدرسة للغاية نفسها.
1/10/2015

زر الذهاب إلى الأعلى